الأربعاء، 14 أبريل 2010

الشطرنج عند العرب قديماً

الشطرنج عند العرب قديماً

كل ما لدينا من كتب ومخطوطات قديمة يؤكد أن الشطرنج لم يظهر بشكل واضح إلا في عهد صحابة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" والأصل هو الإباحة ولم يجئ نص على تحريمه علماً بأن فيه فوق المتعة والتسلية رياضة للذهن وتدريبا للفكر، وهو في ذلك يخالف النورد الذي يشبه الأزلام، وقد اشترط على من أباحة "الا تؤخر بسببه الصلاة عن وقتها وألا يخاطله قمار وأن يحفظ اللاعب لسانه من الفحش والخنا ورديء الكلام" وقد أكد الإمام الشافعي أن الشطرنج ليس محرماً وهو نفسه كان لاعبا مميزا بالاستدبار وهو اللعب دون النظر إلى الرقعة، وكذلك كان أبوهريرة وابن سيرين وسعيد بنجبير، حيث قال "الأبشيهي" في المستظرف: ذكر بعضهم "كنا في السجن مع ابن سيرين فكان يرانا نمارس الشطرنج فيأتي ويقول أرفع الحصان كذا وافعل كذا ولا يعيب علينا"، وأباحه أيضا ابن عباس وأبوهريرة وهشام بن عروة، وكان سهل بن سهيل مفتي "نيسابور" قد أباح اللعبة أيضاً حيث قال: "إذا سلم المال من الخسران والصلاة من النسيان فذلك أنس بين الخلان" وسئل الشعبي عن الشطرنج فقال: "لا بأس إذا لم يكن هناك تقامر وتبذل"، وروي الشيخ أبو عبدالله محمد بن شاكر القطان في مصنفه في فضائل الشافعي "أن الشافعي لم يكن يرى بها بأسا وكان يلعب بها استدبارا" وأهم ما يذكره التاريخ أن الخليفة "عمر بن الخطاب" كان يمر على لاعبي الشطرنج ولا ينهاهم عن اللعب لأنه كان يعتبرها وسيلة للفائدة والتسلية.

ولقد لمع اسم الشطرنجي والشاعر العربي أبو حفص وذلك في القرن الثاني للهجرة وقد عاش هذا الشاعر في بغداد وذكره الاصفهاني في كتابه الأغني وأثنى عليه بشكل كبير لموهبته وقدرته على التغلب على أفضل اللاعبين في زمانه، أما في القرن الرابع للهجرة فقد ذكر المسعودي ما يلي: "لم يكن للعب الشطرنج صورة ثابتة فهناك ست صور كانت معروفة لهذه اللعبة آنذاك":
الآلتان المربعتان: الأولى ثمانية أبيات "مربعات في مثلها والثانية عشرة أبيات في مثلها، وهناك الآلة المستطيلة: أربعة مربعات في ستة عشر مربعاً.

وهناك الآلتان المدروتان: إحداهما تنسب إلى الروم والثانية الآلة الفلكية، والآلة السادسة التي كانت تستخدم في زمن هذا المؤلف تسمى "الجوراحية" وهي سبعة أبيات في ثمانية.

ومما يذكره التاريخ أن الخليفة الأموي يزيد بن عبدالملك كان مولعا بلعب الشطرنج وكذلك ولع به أبوجعفر المنصور وجعفر البرمكي، ويروي أن "هارون الرشيد" قام باهداء "شارلمان" أمبراطور الفرنجة رقعة شطرنج.
يذكر أن أول مباراة تمت بين لاعبي آسيا الصغرى كانت بين اللاعبين "جابر الكوفي" و"زيراب قطان" في مدينة خراسان عام "819" ميلادي وذلك في حضور الخليفة المأمون، الذي كان يعشق اللعبة لكنه لم يكن بارعاً فيها، حيث قال كلماته الشهيرة : "غريب حقا أن الذي أحكم العالم من نهر الهندوس في الشرق حتى جبال الأندلس في الغرب لا أستطيع أن أتدبر الأمر مع اثنتين وثلاثين قطعة على رقعة بطول شبرين وعرض شبرين".
ويعتبر "زيراب قطان" اللاعب الفذ الذي ذكر سابقاً أحد الأبطال البارزين في العالم الإسلامي خلال أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع الميلادي، وقد ألف هذا اللاعب عدداً كبيراً من المنصوبات "المسائل" الشطرنجية واشتهر بقدرته على تحليل خواتم "نهايات" الأدوار وامتاز بالدقة في ذلك حيث توشك تحليلاته أن توازي آخر ما بلغه أفضل محللي الشطرنج المعاصرين.
ومن طرائف ما يذكره التاريخ أيضاً أن اللاعب البارز في العصر العباسي "محمد البيدق" سمي كذلك لقصر قامته.................................................................!!!!!!!
كما ذكر أحد المؤرخين ما يلي "رأيت بالمعرة عجبا رأيت رجلا أعمى يلعب الشطرنج"، وهو يقصد بذلك الشاعر والفيلسوف العربي أبا العلاءالمعري.
ولا نستطيع أن ننسى ما ذكره اللاعب المخضرم وصاحب النظريات في علام الافتتاح الشطرنجي "برتوف" وذلك في كتابه الشهير "تاريخ الشطرنج": أن رجلا سوريا عاصر الشطرنجي الكبير والموسيقار الفرنسي المعروف "فيلدور" وذلك في القرن الثامن عشر يدعي "فيليب ستاما" وقد عاش هذا الشطرنجي السوري الكبير في لندن وألف كتاباً عن الوصفيات في الشطرنج اسماه "الأسرار الشطرنجية المنتهكة من قبل ستاما".
وقد ذكر الكاتب "هارولد لامب" في كتابه الكبير "الحروب الصليبية" : "نعمت دمشق بالسلام في عهد نور الدين محمود الزنكي، فقد كنت ترى تحت البواكي ذات العقود المشبكة التي تغطي الأزقة والمنعطفات رءوسا وقد خطها الشيب منكبة فوق رقع الشطرنج المصنوعة من الأبنوس المطعم بالعاج ويعود الفضل في ذلك للهدنة التي عقدها نور الدين مع الصليبيين عام 1169".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق